سورة المزمل - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المزمل)


        


{يا أيها المزمل} أي: المُتَلفِّف بثيابه. نزل هذا على النبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو مُتلَفِّفٌ بقطيفةٍ.
{قم الليل إلاَّ قليلاً} أي: صلِّ كلَّ اللَّيلِ إلاَّ شيئاً يسيراً تنام فيه، وهو الثُّلث، ثمَّ قال: {نصفه} أَيْ: قم نصفه {أو انقص منه} من النِّصف {قليلاً} إلى الثُّلث.
{أو زد عليه} على النِّصف إلى الثُّلثين، جعل له سعةً في مدَّة قيامه في اللَّيل، فكأنَّه قال: قم ثلثي اللَّيل أو نصفه أو ثلثه، فلمَّا نزلت هذه الآية أخذ المسلمون أنفسهم بالقيام على هذه المقادير، وشقَّ ذلك عليهم؛ لأنَّهم لم يمكنهم أن يحفظوا هذه المقادير، وكانوا يقومون اللَّيل كلَّه انتفخت أقدامهم، ثمَّ خفَّف الله عنهم بآخر هذه السُّورة، وهو قوله: {إنَّ ربك يعلمُ أنَّك تقوم...} الآية، ثمَّ نسخ قيام اللَّيل بالصَّلوات الخمس، وكان هذا في صدر الإِسلام. وقوله: {ورتل القرآن ترتيلاً} أَي: بيِّنه تبييناً بعضُه على إثر بعضٍ في تُؤّدةٍ.
{قولاً ثقيلاً} رصيناً رزيناً، ليس بالسفساف والخفيف؛ لأنَّه كلام الله.
{إنَّ ناشئة الليل} ساعاته {هي أشد وطأ} أثقلُ على المُصلِّين من ساعات النَّهار، ومَنْ قرأ: {وِطاء} فمعناه: أشدُّ موافقةً بين القلب والسَّمع والبصر واللِّسان؛ لأنَّ اللَّيل تهدأ فيه الأصوات، وتنقطع الحركات، ولا تحول دون تسمُّعه وتفهُّمه شيءٌ. {وأقوم قيلاً} وأصوب قراءةً.
{إنَّ لك في النهار سبحاً طويلاً} أَيْ: تصرُّفاً في حوائجك إقبالاً وإدباراً، وهذا حثٌ على القيام باللَّيل لقراءة القرآن.
{واذكر اسم ربك} بالتَّعظيم والتَّنزيه {وتبتل إليه تبتيلاً} وانقطع إليه في العبادة. وقوله: {فاتخذوه وكيلاً} أَيْ: قيِّماً بأمورك مُفوَّضاً إليه.
{واصبر على ما يقولون واهجرهم هجراً جميلاً} وهو أن لا تتعرَّض لهم ولا تشتغل بمكافآتهم، وهذه الآية نسختها آية القتال.


{وذرني والمكذبين} لا تهتمَّ لشأنهم فإني أكفيكهم، يعني: رؤساء المشركين، كقوله: {فذرني ومَنْ يُكذِّب بهذا الحديث} وقد مرَّ. {أولي النعمة} ذوي التَّنعُّم والتًَّرفُّه {ومهِّلهم قليلاًَ} يعني: إلى مدَّة آجالهم.
{إنَّ لدينا} يعني: في الآخرة {أنكالاً} قيوداً {وجحيماً} ناراً عظيمةً.
{وطعاماً ذا غُصَّةٍ} يغصُّ في الحلوق ولا يسوغ، وهو الغِسلين والضَّريع والزَّقُّوم.
{يوم ترجف الأرض والجبال} تضطرب وتتحرَّك {وكانت الجبال كثيباً مهيلاً} رملاً سائلاً.
{إنا أرسلنا إليكم رسولاً} محمداً صلى الله عليه وسلم {شاهداً عليكم} يشهد عليكم يوم القيامة بما فعلتم. وقوله: {فأخذناه أخذاً وبيلاً} ثقيلاً غليظاً.
{فكيف تتقون إن كفرتم يوماً يجعل الولدان شيباً} أَيْ: فكيف تتحصَّنون من عذاب يومٍ يشيب الطِّفل لهوله وشدَّته إن كفرتم اليوم في الدُّنيا.
{السماء منفطر به} متشقِّق في ذلك اليوم.
{إنَّ هذه} الآيات {تذكرة} تذكيرٌ للخلق {فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلاً} بالطَّاعة والإِيمان.
{إنَّ ربك يعلم أنك تقوم} للصَّلاة والقراءة {أدنى} أقلَّ {من ثلثي الليل ونصفه وثلثه} أي: وتقوم نصفه وثلثه {وطائفة من الذين معك والله يقدِّر الليل والنهار} فيعلم مقادير أوقاتهما {علم أن لن تحصوه} لن تُطيقوا قيام اللَّيل {فتاب عليكم} رجع لكم إلى التَّخفيف {فاقرؤوا ما تيسر من القرآن} رخَّص لهم أن يقوموا، فيقرؤوا ما أمكن وخفَّ بغير مقدارٍ معلومٍ من القراءة والمُدَّة. {علم أن سيكون منكم مرضى} فيثقل عليهم قيام اللَّيل، وكذلك المسافرون للتِّجارة والجهاد، وهو قوله: {وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله} يريد: أنَّه خفف قيام اللَّيل لما علم من ثقله على هؤلاء {فاقرؤوا ما تيسر منه} قال المُفسِّرون: وكان هذا في صدر الإِسلام، ثمَّ نُسخ بالصَّلوات الخمس، وقوله: {وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجراً} مما خلَّفتم وتركتم. {واستغفروا الله إن الله غفور} لذنوب المؤمنين {رحيم} بهم.